مع تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل الإبادة الجماعية المستمرة في غزّة بشكل كارثي، تدين منظمات المجتمع المدني الموقّعة أدناه، القيود المنهجية التي تفرضها منصة "غو فاند مي" (GoFundMe) على حملات جمع التبرعات الفلسطينيّة. لقد أصبح التمويل الجماعي من آخر السُبل المتبقية أمام المدنيين للحصول على المساعدات المنقذة للحياة في غزّة. ومع ذلك، فإن "غو فاند مي"، أكبر منصة تمويل جماعي في العالم، دأبت على إغلاق وتقييد حملات جمع التبرعات للفلسطينيّين، ما يحرم العائلات والمبادرات المجتمعية وجهود الإغاثة الشعبية من أموال هم في أمسّ الحاجة إليها. هذه الممارسات، التي تحدث وسط مجاعة وحملة عسكرية متواصلة أودت بحياة عشرات الآلاف، ليست فقط تمييزية، بل قاتلة. ومع تحذير الأونروا من أنّ أكثر من مليون طفل يعانون من التجويع بسبب الحصار الإسرائيلي، وتوثيق آلاف حالات سوء التغذية الحاد، فإن استمرار "غو فاند مي" في حجب المساعدات الإنسانية عن الغزيين المُجَوَّعين أمر غير مقبول أخلاقيًا.
لقد جمّدت "غو فاند مي" أو أعادت أموالًا بملايين الدولارات جُمعت لغزّة، دون تبرير يُذكر سوى إشارات مبهمة إلى "شروط الخدمة" وإجراءات امتثال غير شفافة. وبينما تدّعي الشركة أنها تعامل جميع المستخدمين بشكل متساوٍ، تشير الأدلة المتزايدة إلى أن الحملات الخاصة بالفلسطينيّين تخضع لتدقيق مفرط واحتمالية أعلى بكثير للإغلاق، حتى عند تقديم جميع الوثائق المطلوبة.
ويتفاقم الوضع مع توالي شكاوى المنظمين، بمن فيهم المقيمون خارج فلسطين، الذين تحدثوا عن تجاهل طلباتهم من قبل فريق دعم "غو فاند مي"، وإيقاف صفحاتهم دون إنذار، ومطالبتهم بتقديم وثائق مرهقة يتم رفضها لاحقًا دون تفسير. تُعلّق الحملات بشكل "مؤقت" إلى أجل غير مسمى، وتُعاد الأموال دون موافقة أصحابها، وتُحجب قوائم المتبرعين. حتى المنظمات ذات الوثائق الموثقة، مثل "مشروع سمير" الذي وفّر مئات آلاف اللترات من المياه والمساعدات الطبية للنازحين في غزّة، تعرض للإغلاق التعسفي.
تعكس ممارسات "غو فاند مي" نمطًا وسعًا من القمع الرقميّ والتمييّز ضد الفلسطينيّين، وهو نمط تم توثيقه على منصات التواصل الاجتماعي والخدمات المالية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023. إذ تلعب شركات التكنولوجيا دورًا مباشرًا في إسكات الأصوات الفلسطينيّة وعرقلة جهود التضامن. وتثير هذه الممارسات قلقًا شديدًا في ضوء مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، التي تؤكد مسؤولية الشركات بعدم المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان وضمان تطبيق سياساتها بعدالة وشفافية. علاوة على ذلك، فإن حجب المساعدات بشكل تعسفي خلال فترة المجاعة المفتعلة من قبل إسرائيل، وفي ظل محاولاتها لتطهير غزّة عرقيًا كجزء من الإبادة الجارية، يجعل "غو فاند مي" متواطئة مع الجرائم المستمرة بحق سكان غزّة.
ندعو "غو فاند مي" بشكل عاجل إلى:
إعادة تفعيل جميع حملات جمع التبرعات المشروعة المتعلقة بغزّة والتي أُزيلت أو قُيّدت تعسفيًا.
الإفراج عن الأموال المحتجزة وقوائم المتبرعين وتسليمها للمنظمين.
توفير الشفافية الكاملة حول إجراءات التحقق والامتثال، بما في ذلك نشر بيانات مفصلة حسب الدولة والقضية.
إنهاء التمييز ضد الحملات الفلسطينيّة وتطبيق السياسات بعدالة ومساواة.
وضع آلية واضحة وسريعة لاستئناف الحملات الموجهة لمناطق الأزمات، بما في ذلك غزّة.
الموقّعون
And stay updated with our latest activities, news, and publications!